27 أكتوبر 2012

أنا أكتب... أنا أتنفّس



أنا أكتب... أنا أتنفّس...

أحيانا نكتب مع أسمائنا ما لا نحبّ قوله أو فعله. ونكتب ما نكرهه... فالكلام يترجم الأحاسيس ويترجم الفكرة ويترجم الواقع... يجسّد ما نجده وما نفقده وما ننشده... 
لأنّ الكتابة عصير تجربة ولحظة صدق... تحرّرنا من قيود تسكن داخلنا... نحرّرها فنتنفّس.
***وهيبة قويّة


26 أكتوبر 2012

بنزرت... أرض الجلاء والتّسامح

مشهد عامّ لمدينة بنزرت
في يوم عيد أستحضر آخر زيارة لي إلى أرض الجلاء بنزرت. كانت الزّيارة ثاني أيّام عيد الفطر. 
دخلت المدينة من أوسع شوارعها وكانت كما عهدتها تزدحم بمن فيها وبسيّارات أهلها وزوّارها. وما أكثر الّذين يمشون على الأقدام في اتّجاه "سيدي سالم" و"الكرنيش" لقضاء ليلة من ليالي الصّيف اشتدّت حرارتها. وما أكثر من جاؤوا إليها من مدنهم القريبة مثلي، لقضاء إحدى ليالي العيد مع الأطفال في عالم الألعاب والمراجيح...
تركت الفرصة لذاكرتي تقابل صورة ما عشته في بنزرت قبل سنوات وبين الصّور الّتي تتهافت أمامي وتتأرجح كما مراجيح الأطفال وتشدّ نظري إليها عنوة 
الحصن الإسباني والميناء القديم
توقّفت عند حصنها الإسبانيّ الّذي ما زال يعبق بتاريخ الأندلس، وناداني الحنين إلى مينائها القديم وقد أرست فيه القوارب الصّغيرة  ولمعت مياهه لوهج الأضواء السّاطعة في ليالي العيد والصّيف. 

الميناء القديم ببنزرت
ولكنّي ليلتها لم أجد صورة الحنين. فقد شاهدت على أرض الجلاء وجوها غريبة لا تحمل ملامح أهلها، وما سمعت صوتا ينتمي إليها. صارت غريبة عنّي أو ربّما صرت غريبة عنها.
الجسر المتحرّك على قنال بنزرت
منذ عبرت القنال وتخطّيت الجسر المتحرّك إلى أن وصلت إلى قلب المدينة النّابض بالحركة لاحظت أنّ المدينة، رغم كلّ البهجة المنتشرة في أرجائها، شاحبة الوجه، وعطورها مختفية، وأصواتها صاخبة لا أفهمها أو بكماء لا تصل إليّ لغتها. قد جعلتني أسير في أرجائها سير التّائهة والمصدومة بما حلّ بطهر أرض الجلاء.
قلت في نفسي: هو تعب الصّيام، أفقد المدينة ألقها. فرست في موانيها أشكال وأحجام لا تعي معنى العيد، أو أنّ البواخر جاءت بالقوم من بحور بعيدة قد أنهكها السّفر فلاحت مثل الأشباح، وقبعت تحاول أن تجد ظلالها على صفحة الماء...

الغروب على شاطئ المغاور بنزرت
عندما وصلت إلى " المغاور" تردّد صوتي في تجاويف الصّخور وعاد إليّ بنفس السّؤال: ماذا وقع لك في غيابي عنك؟ أين مرحي وأنا أتمشّى قرب مياه بحرك؟ أين موجك المتطاول مرحا يغازل الصّخور ويوشوش الرّمال؟ الرّمال... الرّمال.... مال... ل...
مغاور بنزرت
صار وجهي غريب الملامح أمام صخور الشّاطئ، فما عرفتْني. أتراها نسيت كم جلستُ عليها وكم من الكتب قرأتها عندها؟
سؤالي حائر ذوّبه الموج، ونفسي قد استولى عليها خوف من ظلمة تحيط بي لم تبدّدها الأنوار الواقفة على جانبي الطّريق، ولا صور قديمة عن المدينة الجميلة.

الميناء القديم ببنزرت
نسيتُ من معي فتركت الشّاطئ الصّخريّ، أبحث في تفاصيل المدينة الّتي تركتها منذ سنوات، هادئة حالمة. عدت إلى وسط المدينة، واتّجهت حيث رمال البحر الّتي بنيتُ عليها قصورا وأنا طفلة، والّتي رميت إليها الياسمين والورد وأنا يافعة وقرأت على بساطها أجمل الرّوايات والأشعار... ما تغيّر لون البحر الّذي غزته أنوار اللّيل، ولكنّي لم أسمع صوت الموج ينساب في هدوء إلى سمعي، فما عاد الموج يغنّي أغنيته الّتي حفظتُها عنه. ووجدتني أسير على رمل غريب عنّي، عجز حتّى عن رسم آثار سيري عليه.  
جسر سيدي سالم ببنزرت
أين المسير بنزرت؟ وشوارعك تضمّ خطاي ثمّ تبتعد مثل الخائفة. هل صرتِ خائفة مثلي؟ هل تراودك الكوابيس؟ أين أحلام سمائك المشرقة؟ وأين نسماتك المنطلقة الحرّة؟ أين أغنيات موجك؟
ما أشدّ غربتي فيك بنزرت. تغيّرت وسكنك الرّعب، حتّى أنّي أراه في خطى السّائرين، وفي حركات الواقفين وفي همسات الجالسين وفي نظرات كلّ النّاس وفي تأهّب الجميع للرّكض لأقلّ صوت يُسمع، حتّى قبل أن يفهم إنسان ما هو. أستغرب نعم، ولكنّي أفهم ما يقع.
 فقبل أيّام قليلة، خلال إحدى سهرات رمضان بالمدينة، وقعت حادثة وضعت المكان مثل كثير من الأمكنة، تحت وطأة الفوضى وهراواتِ مُنساقين في تيّار التعصّب الدّينيّ.
صار الخوف منتشرا في أرجاء بنزرت، فلا أمان حتّى في أشدّ الأماكن أمنا...  دنّس بعضهم أرض الجلاء بعصيّ وسيوف وسكاكين... وحلّ الإجرام وحلّت الفوضى في غياب الاحترام.
ليلتها تملّكني الغضب والغيرة على أرض نضت عنها الاستعمار لتعود إليه بشكله الجديد بعد سنين طويلة تميّزت فيها أرض الجلاء بالتّسامح الدّينيّ والحرّيّة والكرامة،
وفهمت حينها كم أصاب الجهل من عقول وأفقدها صوابها كي تتصرّف باسم الدّين وعن عمى في البصيرة فلا ترى قيمة التّسامح، ولا تسعى إليها...
 وعرفت أنّ أرض الجلاء وفيّة لمبدأ الجلاء... فقد جلت حتّى الأمن والأمان عنها...
وتعلّمت أكثر أن أنحنيَ إكبارا لأرض مشى عليها جدّي بسلاحه لجلاء الاستعمار ومشى عليها أبي فخرا بانتمائه إليها. رحمهما الله ما دريا أنّهما تركاها نهب المتعصّبين الجهلة.
شكرا لكلّ من حمل خنجرا غرسه في أرض التّسامح والجلاء... فقد أدمى قلبي وشوّه انتمائي... وآه يا بنزرت كيف هُنت على من عَرفك ومن لم يعرفك. آه يا أرض الجلاء يا من صارت طرقاتك غريبة عن خطواتي فيك وإليك من أوّل القنال إلى شواطئ الصّخور وإلى أقصى جبل النّاظور... وإلى آخر نقطة من آخر الأفق المحدّد لاتّجاهاتك. آه... مثل سيف يمزّقني يا أرض الجلاء كما مزّقتك الفتن بعد أن تآخى فوق أرضك المسلم والمسيحيّ واليهوديّ... يا أرضا عشنا فوقها أحرارا.


وهيبة قويّة


بنزرت: مشهد للحصن الإسباني و"القصيبة"

5 أكتوبر 2012

كيف ننظر إلى العالم؟

غالبا لا نرى العالم من حولنا إلاّ بأعيننا ومن خلال تجاربنا بسيطة كانت أو معقّدة، صغيرة كانت أو كبيرة، هامّة كانت أو غير ذات بال... ولكنّ نظرتنا إلى العالم لا تكتمل إلاّ بتجارب الآخرين. 


 ويكون لنا ذلك عندما نتجاوز النّظر إلى عالمنا من خلال تجربة فرديّة، ونعبر حدود أنوفنا وأنانيّتنا وذاتنا الضيّقة المستسلمة للأفكار الأُحاديّة الجانب والخائفة من إبداء رأيها، وعندما نتجاوز جهلنا، ونسعى إلى العلم والمعرفة والاطّلاع والسّماع وتبادل التّجارب... وعندما نعترف بقصر نظرنا، ونحتكّ بالآخر في عالمه الخاصّ والعامّ ونتحقّق من أنّه قصير النّظر قاصرا عن إدراك الحقائق، أو بارعا في التّعامل مع الآخرين في عالمه وفي عالمنا. حينها فقط، سنرى العالم كما يجب أن نراه، بمحاسنه ومساوئه، سواء نظرنا إليه بعيوننا أو بعيون الآخرين أو بما اجتمع من النّظرتين معا.

 والمهمّ أن لا نرى العالم بعيوننا فقط ونستسلم لما فيه من جمال أو قبح، بل نراه بعقولنا.
وعقولنا تكتمل بالآخر نظرا وإدراكا.
فلنقبل الآخرين أيّا كانت نظرتهم إلى العالم، ففي الاختلاف تكامل، وفي الاختلاف ثراء للفكر وللرّوح.

وهيبة قويّة
30 أفريل 2012

4 أكتوبر 2012

فِكْرٌ حُرٌّ


فكّر، وأبلغ فكرك بكلّ الأصوات الممكنة. فلا قيمة لرأي غير مسموع مهما كانت صحّته، وقوّته.
والإنسان، فردا أو مجموعة، لا يملكك إلاّ الأفكار الّتي يشارك بها الآخرين، فيشاركونه فيها اتّفاقا أو اختلافا، تكميلا أو تكاملا، صراعا ونزاعا أو اقتناعا.
أمّا الأفكار الّتي يبقيها لنفسه، وحده، ويراها كنزا فيحتكره، فإنّما هي "مال البخيل". لا ينفعه ولا ينفع به غيره. ويظلّ حبيس قمقم ضيّقة فوهته. لا تمتدّ إليه يد التّعديل ولا الإصلاح، ويصيبها الجمود، بل تتحنّط داخل رأس سريعا ما يصيبها العجز وتفقد ملكة التّفكير، فتموت الفكرة سجينة جمجمة.
أطلق أفكارك تحملها حريّة النّسمات إلى كلّ مكان في كلّ زمان، وتعلّم مواجهة الرّأي والرّأي المخالف، وقارع الحجّة بالحجّة، وإن حُبس جسدك أو قُيّدت حرّيتك.
فإنّك مادمت إنسانا تشارك فكرك فأنت حرّ طليق.
وهيبة قويّة
أفريل 2012


1 أكتوبر 2012

العطاء... منهج حبّ وحياة...


                                                Donner pour donner
كانت الأغنية مثل "ترجيعة" يردّدها صدى نفسي في غياباتها العميقة وأغوارها الّتي لم أصل إلى تفسيرها يوما... وترفع عنّي أدران غبار قاتم قد غشيني منذ زمن. 
عندما سمعت الأغنية أوّل مرّة، كنت في ليلة بدر وعمري يسبق البدر بليلة... سمعت الأغنية وحفظتها. وأحببتFrance Gall"، فرانس غال" و"ميشال برجيه "Michelle Berger، أمّا "ألتون جون  Elton John " فقد عشقته قبلهما، ولا أدري متى...
اليوم رافقتني الأغنية طيلة الوقت، وخِفتُ أن يُعلنها صوتي صرخة في زحمة المرور، وفي محطّة "المترو" وفي مغازات الملابس، وفي عيادة الطّبيب... وحتّى في المكتبة.
كنت أعلم أنّني أحتاج أن أصرخ، ليس أكثر، فصرختي أشبه بصرخة المولود الجديد، بل أقول إنّها صرخة الانبعاث...
ما أروع العطاء!!! آمنت به صغيرة، ولا أزال أفكّر أنّ العطاء من قيمنا الإنسانيّة النّبيلة، فَقَدها العصرُ... فقَدَها الإنسان في زحمة الأخذ والأنانيّة...
هذه صرخة العطاء إذن... وأنا أصرخ لأتنفّس.
 وما أروع أن أتنفّس سحر الكلمة، وجمال المعنى، وأتنفّس اللّحن، وأتنفّس نقاء السّريرة، وأتنفّس فضل العطاء... أنا أتنفّس نورا يطهّرني... وما أحوجني إلى أنفاس تطهّر أعماقي! وأغنّي:
سأغنّي للفرح
خلف أجفان العيون الخائفة
منذ هبّت " في حياتي" العاصفة... 
(محمود درويش ) منذ  هبّت في بلادي العاصفة...

سأغنّي للعطاء
وأكسر سجن الكلمات بالغناء
" العطاء لأجل العطاء
اعطِ ما لديك كلّه
فالعطاء وحده طريق للحياه
والعطاء طريق للحبّ، وحده...

هكذا فهمت العطاء... فأعطيت دون انتظار أن آخذ، وحده العطاء يصنع الحياة كما تقتضيه كرامتي، ويقتضيه الكبرياء... 
وهيبة قويّة

كلمات الأغنية:
E.John:
We're no handy silver lining
We're no crime to make the headline news
If it's a matter for decision
You and I can be the ones to choose
    F.Gall:
Je te donne mes espoirs cachés
Je te donne mes incertitudes
Je te donne mes plus grands secrets
 Duo:
La vie c'est déjà si compliqué
Donner pour donner
Tout donner
C'est la seule façon d'aimer
Donner pour donner
C'est la seule façon de vivre
C'est la seule façon d'aimer
  EJ:
Pas la peine de vivre enfermé
  FG:
C'est pas la peine
  EJ:
Pas la peine de rester couché
  FG:
Non c'est pas la peine
   EJ:
Je te donne sans rien demander
  Duo :
La vie c'est déjà si compliqué
  FG:
Je te donne mes sourires moqueurs
Je te donne ma force ma douceur
Je te donne mes secrets fragiles
   Duo :
La vie c'est déjà si difficile
Donner pour donner
Tout donner
C'est la seule façon d'aimer
Donner pour donner
C'est la seule façon de vivre
C'est la seule façon d'aimer
EJ:
Oh ! donner pour donner
Tout donner
C'est la seule façon d'aimer
  FG:
Donner pour donner
C'est la seule façon de vivre
C'est la seule façon d'aimer
  Duo:
Donner pour donner
Tout donner
C'est la seule façon d'aimer
Donner pour donner
C'est la seule façon de vivre
C'est la seule façon d'aimer

أنــــــــــــــــــــــــا أتنفّـــــــــــــــــس.... 



وأنت المرايا تلمّ زوايا العطور وغير الزّوايا ***مظفّر النوّاب*** وأنت المرايا تلمّ زوايا العطور وغير الزّوايا ***مظفّر النوّاب*** وأنت المرايا تلمّ زوايا العطور وغير الزّوايا ***مظفّر النوّاب***
زاوية دافئة من القلب *** مدوّنة خاصّة *** وهيبة قويّة *** الكتابة عصير تجربة ولحظة صدق تحرّرنا من قيود تسكن داخلنا، نحرّرها، فنتنفّس. ***وهيبة قويّة

الأكثر مشاهدة هذا الشهر

مرحبا بزائر زوايانا

free counters