صورة
"ما بين الحنين إلى الماضي والأمل في المستقبل تنفتح أبواب
الرّجاء، فاقطفي الأمل وامضي في طريقك". هكذا قال الفنجان.
تفتح بابا عتيقا فينبعث منه نور لا ينطفئ إشراقه يتضوّع
منه عبق من الماضي، فتمتدّ جذورها إلى أصالة المكان وتنبت لها أجنحة تحلّق بها من
هنا، حيث الجدار القديم إلى هناك... حيث الحنين المتدفّق بين الضّلوع إلى كلّ ما
يُؤصّل كيانها. تتسرّب إليها من شقوق الباب رائحة القهوة وتحرّك في ذاكرتها صورا... أشتاتا من صور على نقوش خطوط
الفنجان. تتأمّل الخطوط وترى ملء العينين شعاع الرّحمة وبريق الأمل...
ترى تلك
البنيّة الصّغيرة تجري في ساحة كبيرة وتتسلّق شبابيك مزركشة إلى سطح
المسجد في حيّها العتيق. وتصعد القبابَ في سباق طفوليّ مرِح، ثمّ تفتح ذراعيها في الهواء... تتنفّس عميقا، مثل طائر يتعلّم
أوّل دروس الطيران ويبحث عن سماءٍ تتّسع لجناحيه، وتشير بسبّابتها اليمنى... هناك... الجامع... تغمض عينيها على صورة المئذنة، وتصغي، فتأتيها الأصوات المرتّلة بخشوع فتخشع وتحلّق
بعيدا... بعيدا... وتصمت الأصوات... تفتح عينيها...
تَــتْبَعُ السبّابة اليسرى بنظرها... هنا... قريب
منها مقبرة تحتضن قبورُها أجسادا هامدةً...
تعود فتغمض عينيها تجمع بها أشتات
الصّور... وتحلّق بعيدا... بعيدا... فتدبّ الحركة في الأجساد وتتحلّق بها الأرواح
الحبيبة إلى قلبها... وتحدّثها عن جمال المكان حيث الخضرة والماء والجمال... تكاد
تهوي. فتفتح أجفانها وتستقبل النّور...
مازالت واقفة على إحدى قباب
المسجد... فاتحة ذراعيها للرّيح السّاكنة.
تنزلهما... وتتوقّف عن الطيران...
ترتّب أفكارها وتختار مكان النزول...
تسير فوق أسطح البيوت وتصل
إلى المقبرة وتخرج من بابها الكبير بعد أن تجمع باقةَ من الزّهر مختلفة
الألوان...
تلتفت وراءها...
وتبتلعها طريق العودة إلى ساحة أمام البيت وبابه الكبير...
بجانبه المسجد والأطفال حيث هم، يلعبون... تضحك... بين يديها باقة من زهر الرّبيع متفتّحة
أكمامه لأشعّة شمس تزيده إشراقا وملء العينين حلم سكن القلب لا يمّحي...
♥ وهيبة قويّة ♥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
التّعليق يظهر بعد مراجعته. شكرا