الكتابة عصير تجربة، ولحظة صدق، تحرّرنا من قيود تسكن داخلنا... نحرّرها، فنتنفّس. ***وهيبة قويّة
12 مايو 2023
فيبروميالجيا... وهيبة قويّة
21 فبراير 2021
كوّة في رأسي، وهيبة قويّة
تركت النظر إلى النّافذة ولكنّها ظلّت في رأسي مثل كوّة زنزانة معتمة وأطلّ منها الضوء يوقظ الأفكار النائمة في فوضى في قاع دماغي. حرّك الضّوء بعض الأفكار المشوّشة الشعثاء التي مدّت أعناقها تتطاول في رأسي وتنمو كالطّحالب أمام عينيّ. فركتْ عينيْها بكسل. وتثاءبت. تثاءبتُ معها. سحبتُ الغطاء على وجهي. أضاءت الكوّة أكثر فتحرّكت الأفكار من جديد. وقفتْ على حافة دماغي. فخاتلتها وألقيت بها في حفرة اللامبالاة. وانشغلت بفكرة القهوة والتذوّق. وخفّ ما في قبّة رأسي من ضغط وانسجمت مع الفراغ حولي...
9 فبراير 2021
صداع صباحيّ
لوحة للفنّانة التشكيلية إيمان بن ابراهيم/ تونس
ضمن المعرض الجماعي: تنويعات نسائيّة
أفقت بعد
ساعتين من النّوم الخالي من الأحلام بلا صداع ولكن مع وجع شديد في كتفي الأيسر
وساقي اليسرى وخاصّة منها الكعب. وأعلن الصباح بدايته بسعال غريب شبيه بسعال
العجائز حين يصيبهنّ البرد، خرج من أقصى رئتيّ وأحرق صدري. فأسرعت أنبّه حواسي.
اضطربت
قارورة العطر الّتي لا تبتعد عن متناول اليد. فابتسمتُ لها. لا رائحة أفضل من
العطور لأتأكّد أنّني لم أفقد حاسّة الشمّ. وتشمّمت رائحة الصّباح. فنفرت واختلطت
وهربت. حملت وجع ساقي وكتفي وأحضرت قهوتي. فهي الطّبيب الّذي لا ريب فيه. مرارتها
في كلّ رشفة ثابتة مع أنّ رائحتها باهتة وكأنّها أصيبت بوباء العصر.
لم أحدّثها
كما العادة، واكتفيت بارتشافها. ربّما أظلم قهوتي بهذا. ولكن ما أفعله معها يحميها
من هلوستي الصباحيّة ويطمئنني، إذ لم تصبح القهوة اختبارا لحواسّي فحسب بل معها
أقتنع بفكرة الحماية الذّاتيّة من الفيروس الكوروني ومعها أبدأ بتطبيق مقولة
"ما يلزّك على المرّ إلاّ الأمرّ". وقهوتي المرّة، وقد تركتُ مغازلتها،
مرّ لذيذ وطبيب استعجاليّ في أيّامنا، ومؤنس عن بعد مثل الّذين نحبّهم وابتعدنا
عنهم حماية لهم من المجهريّ الّذي قد يأخذ بأنفاسهم وأنفاسنا.
صباحي أيضا
صار غريبا، لم يعد يأخذ بيديّ لأتفقّد ملامحي ولا يقودني إلى القراءة الّتي صارت
بطيئة متعثّرة غائمة بلا تفكّر، حتّى تزايد عدد الكتب إلى جانبي تطلب فتحها فأفتح
واحدا منها وأتهجّى سطرين وتبتعد بقيّة الأسطر عن عينيّ تاركة أثر نمل في الرّمل
لا أتبيّنه وأعجز عن تتبّعه فأغلق الكتاب وأرتّبه فوق كتب الشّهر المختارة
للمطالعة وأفتّش في رأسي عن غيمة تسعفني برذاذ فكرة ألاحقها حتّى لا يصيبني
الخَرَفُ.
تحرّكت في
مساحتي المتاحة من الصّباح قبل العمل وأنا "أخرّفُ" لنفسي عن رأس لا
يسكنه الصّداع وعن مشروع مربح جدّا، سأفتح دكّانا لتغيير الرّؤوس لعلّ رؤوسنا بما
حملت وفكّرت تخفّ عن أكتافنا وتقطف ثمرا يانعا لنحيا بسلام.
وصلني صوت
مذيع الأخبار متقطّعا: "وزير الصّحّة... ورئيس الحكومة... عريضة سحب الثّقة...
رئيس البرلمان... المحكمة الإداريّة... رئيس الحكومة... سنشهد تقلّبات الطّقس غدا...
أعدت صوت
الرّاديو إلى حنجرته واستعرت أغنية لصباحي بصوتي الّذي بدا كصرير باب قديم:
"يا
رايحين و الثّلج ما عاد بدكن ترجعوا
صرّخ
عليهن بالشتي يا ديب بلكي بيسمعوا... "
وحين بدأ
نشاز صوتي يغيب وعمل الغناء في رأسي عمله وجدتني أغنّي بصوت واضح:
"شو بدّي أعمل فيهن
نيّمهن
وطعميهن
هيدا
بدّو تبّولة
هيدا
بدّو ملوخية
ناقص
تقلي بطاطا وتقدّم ع الصينية
يا
رئيس البلديّة"...
هكذا عاد
الصّداع كالرّيح يعصف برأسي ويشوّش تفكيري ويقودني مع الغيم لأمطر في الصّحراء
وفوق البحر.
وهيبة قويّة
من أنا بخير
15 مارس 2020
دودة
دودة |
حين يصيبني الحزن أصير دودة تحلم بأن ينبت لها جناحان ملوّنان.
أهيّء فراشي الّذي
فقد لونه، ولم يعد يحفظ عطري. فراشي ضيّق بحجم نقطة بلون تراب الحقول حين تعبث
بوجهه الرّياح. أتمدّد في فراشي وأتغطّى بخيال من حرير.
ألفّ الحرير حول
جسدي الّذي يضيق بجلده. وأسلخه مثل فكرة جافّة بلا معنى وأُلبسه حرير حلمي.
حلمي مثل فراشي،
نقطة بلون غائم ينسلخ عنه شعاع شفّاف بطول حزني. يتمدّد الشّعاع إلى جانبي فأمسك
يده، أعني طرفه، وألفّه حول خصري.
يحضنني الشّعاع ثمّ
يطول فألفّه حول خصري فيطول، فألفّه وألفّه... فيتّسع المكان، يصير غيمة مخمليّة. أمدّ
يدي إلى قطنها. ملمسها الحرير يداعب يدي ثمّ خدّي ثمّ يصير مناديل تمتدّ إلى عينيّ.
على كلّ منديل أرسم
لؤلؤة وأطرّزها بلون من قوس فكري وتبدأ الحكايات الحزينة تترقرق على مناديل
الغمام، ويتدفّق غيم العينين.
قبل أن أسرد آخر
حكاية حزينة تنقشع الغيمة عن سمائي وتنفتح سواقي الألوان وتتفجّر النّقطة النّورانيّة
مثل نافورة تنشر الضّوء حولي. ويتّسع الفضاء أكثر وأكثر.
تحملني خيوط الحرير
إلى البعيد، وتهديني جناحين ملوّنين. ولكنّي لا أطير بهما. فالفضاء الواسع اتّجاهه
واحد يسير نحو بهرة ضوء واحدة مثل عين بكلّ الألوان ولكن بلا أحلام.
وهيبة قويّة
موحزن،
لكن كورونافيروس تأمرني بأن أحيا في أمان كما في أيّامي العادية. أفكّر، أكتب،
أتنفّس...
الأكثر مشاهدة هذا الشهر
-
دودة حين يصيبني الحزن أصير دودة تحلم بأن ينبت لها جناحان ملوّنان . أهيّء فراشي الّذي فقد لونه، ولم يعد يحفظ عطري. فراشي ضيّق بحجم نقطة...
-
رواية العراء للكاتبة التّونسيّة، حفيظة قاره بيبان من الرّوايات الّتي تَقرأ الإنسانَ... بشفافيّة مفعمة وبشاعريّة الحرف وصدق المشا...
-
صورة "ما بين الحنين إلى الماضي والأمل في المستقبل تنفتح أبواب الرّجاء، فاقطفي الأمل وامضي في طريقك". هكذا قال الفنجان . تفتح...
-
اليوم تبدأ رحلتي... *في البدء... الإنسان: "حضور الإنسان في مثل هذه المهرجانات هو الأساس، أمّا النصّ فسبب فقط للحضور&qu...
-
أمامي باقات من الورد، أُشبِعُ أنفاسي بعبقها وأحتمل الحساسيّة التّي تصيبني منها. باقاتي فيها من الورد ما بدأ يذبل وتتساقط أوراقه &qu...