رواية العراء للكاتبة التّونسيّة، حفيظة قاره بيبان |
من الرّوايات الّتي تَقرأ الإنسانَ... بشفافيّة
مفعمة وبشاعريّة الحرف وصدق المشاعر...
هي الرّوح الشّفيفة الّتي
تواجه الإنسان والأرض من عليائها وتوجّه قدره كما الإله العليم... تشرف على العالم
مثل روح نورانيّة تُطلّ من سمائها تقرأ عراء جسد "دجلة" البطلة، يصارع السّرطان...
وعراء أرض تعمّق سرطان الاحتلال فيها، وامتداد لعنته على كلّ أرض تحمل موقع قدم لأحد
أهليها: فلسطين، كلّ ذلك في تراوح ومقابلة شاعريّة يرتوي حرفها من معين الإبداع
... بكبرياء الحياة، وتواضع الأنبياء.
نقرأ في الرّواية فاجعة تلو فاجعة، ونقرأ صفحات
من تاريخ فلسطين... صفحة تركنا أثرها في "دروب الفرار" مع " شرود"
و" ليلى غسّان"... ترحيل الفلسطينيّين من لبنان إلى تونس في 1982... ما زلت
أحمل ذكرى ذلك اليوم وقد حفرتها الكاتبة نقشا بديعا في رواية، عن سرطانين لتتدفّق معاني
الحياة.. حياة الإنسان في مرآة "العراء"...
هكذا هم المبدعون... يقرؤون الحياة كما الأنبياء،
ويرسمون نبوءاتهم على كفّ الأوراق لتشدّ عليها في قبضتها وتحيلها خطوط قدر....
العراء... رواية للكاتبة المبدعة: حفيظة قاره
بيبان، بنت البحر
~~~~~~~~~~
(( لم أتيت؟
لم عاد عطر زهر
الأرنج معك، يوقظ صباحات الصّبا، يرقص الشّجر و يشعل في الآن
ذاته جراحات ذرّوا عليها رماد المنافي وكمّموا صراخها الدّامي بواجبات اللّجوء في أراضي
الغربة المتوالية؟
..لم أتيت؟؟ لتقطعي الحبال
الّتي ربطتني إلى مرافئ الانتظار، و تبدّدي غمامة السّكر، فيفتح سكّينك جراحي و يقطع
باقي أصابعي الّتي طيّرتها الحروب؟ فأعود أنا، غسان سلمان، الفلسطينيّ، الشّاعر، بشوقي
وحنيني و جنوني و هزائمي، أمام عينيك الحوراوين القاهرتين، على كرسيّ الاعتراف، وأنت،
في صمتك المهيب، تنصتين .((
رواية "العراء" للكاتبة
التّونسيّة: بنت البحر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
التّعليق يظهر بعد مراجعته. شكرا