يأخذنا
مع كلّ تلاوة ليسقي أرواحنا من حلاوة الإيمان... وقد ينضب سيل كلماتنا البسيطة فلا
يدرك شكرا أو دعاءً.
صوت تسمعه، فلا تعلم أَسَكَنَتِ الحلاوةُ فيه أم منه انبعثت،
وينتشر لها عبقٌ يسبق المذاق ومذاق يتسابق إلى القلب والرّوح ليخشعا لجلال كلام
الرّحمان. وتستقرّ الحلاوةُ في
القلب فيضا من الإيمان ومن شهدٍ مصفّى ما مثله شهد وحلاوة ما مثلها حلاوة، هي
حلاوة الإيمان الّتي تشغل القلب عمّا سواها وتشفي الرّوح ممّا ألمّ بها.
ينبعث الصّوت إلى الآذان فيخترق كلّ
الحواجز ليصبح كلّ الإنسان أذنا تسمع وتتعشّق الكلام لفظا تُصدّقُ قائلَه، فصَدَقَ
اللهُ ربُّ العالمين، ثمّ تجد له معنى جليّا، هو كلام الله الكريم العظيم.
هو كلام الله، لا تستطيع وصف الكلام إلاّ أنّه
كلام الله تفهمه وتدرك إعجازه ويسكنك وتطمئنّ إليه. آنذاك تميل إلى الصّوت لتصف،
لتقول ما تشعر به، فلا تستطيع إلاّ أن تشعر أنّ لهذا الصّوت شذى، وأنّ الحواسّ
اختلطت عليك ليصلك في لذّة وعذوبة الإحساس أنّ الصّوت من الجنّة آتٍ ، وإلى
السّماء يرتفع بالقلوب والأرواح لتناجي ربّها وتجد السّلام في الصّوت كما وجدته في
كلام الله، بل إنّ الصّوت إشعاع من النّور أنزله الله لينقل حلاوة القرآن وحلاوة
الإيمان، ويرينا به معجزة أخرى من معجزاته سبحانه
صوت ينبّه الغافل فيستجمع قواه ليتذكّر ويذكر، ويذكّر
الذّاكر فيزداد ذكرا، ويرتفع بالمشاعر إلى إدراك نعم الله عزّ وجلّ ومعجزاته:
القرآن، نصّ إسلامها ومنبع حلاوة إيمانها
ما يقال عن الأصوات وتأثيرها وما وصلت إليه دراسات
الدّارسين في الفلسفة والعلوم والطّبّ والفنون... قديما وحديثا لا يمكن أن يصل إلى
نتائج أكيدة إلاّ متى درس صوت شيخنا رحمه الله وأسكنه فراديس جنانه
ولو سألوا الشّيخ والمرأة والكهل والشّابّ والطّفل
والمتعلّم وغير المتعلّم... من أين يأتينا هذا الصّوت؟
لأجابوا جميعا: من عند الملائكة، دون ريب هو صوت
الملائكة أرسله الله للعالمين ليتّقوا وليتذوّقوا من نعمة الإيمان
وإن سألتهم : وهل للملائكة أصوات يسمعها البشر؟
لقالوا: إنّها نبع دائم من الحلاوة لا تدركه الأسماع ولا
الحواسّ... وإنّما تدركه الأرواح.
فما أعظم نعم الله علينا.
وما أكثر ما أعطانا... وهل نحصي نعم الله علينا... لن
تكفينا حياتنا القصيرة لذلك؟!
إذًا فمتى عرفت نعمة من نعمه فلا تفرّط فيها واشكر الله
الّذي يسّرها لك.
الصّوت النّعمة... هو ذاك في رأيي. لأنّه أرقى من أصوات
البشر. يُسمعنا كلاما لا يدركه إبداع البشر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
التّعليق يظهر بعد مراجعته. شكرا