هو نوم لا علاقة له بالنّوم ولا باليقظة. هو أن
تسهر نائما أو تنام ساهرا.
هو أن تختلس النّظر إلى الحلم مرّة، وإلى يقظتك
مرّة. وألّا ترى حلما، ولا يقظة. وتظلّ كنوّاس ساعة حائطيّة كبيرة يتأرجح ويدقّ
رأسك بصوته الرّتيب فتحاول الانشغال عنه بعدّ دقّات قلبك حتّى يصير نبضك ساعة
حائطيّة بحجم قبضة اليد معلّقة بجدار ضلوعك... تنوس وتتمايل ويضيع اتّجاهك، فتدور
حول نفسك، كدرويش نسي جسده معلّقا بين يديه المرفوعتين وهو يدور حول الفراغ
مهلّلا، تشدّه الجهات وينفلت منها إلى حيث تصعد روحه أو لا تصعد.
خلاسيّ نومي. بلا حلم وبلا يقظة ولكن له صدى
"تكتكة" يصدر عن رأسي الفارغ، مع أنّي حريصة على أن أملأه أفكارا
وأحلاما ويقظة...
أراني نائمة بلا نوم، وصاحية بلا صحو... أراقب
الفراغ بنصف عينيّ. كلّ الصّور أصابها غبش الرؤية، وكلّ الأحلام ضباب وفوضى. أحاول
ترتيبها. أجمع أشتات الصّور وأبتني قصّة تناسب طول ليلي، وفوضاي، ورغباتي، تناسب
اللّيل المستبدّ بروحي... وأكمل ما ينقص من الأحداث.
هذه اللّيلة اختلستُ حكاية من صديقي الطّيف وحلما
قديما. وحرّكتهما عوضا عن نواس السّاعة في رأسي... وضجّ رأسي بما فيه.
تقول الحكاية أو يقول الحلم بأنّ طيفا حارسا
سيزورني ليحرس منامي، لذلك نمت. ولكن لأراقب زيارته وحراسته اختلست نظرات إلى
منامي...
وانتظرت...
أثناء انتظاري أخرجت الأفكار كلّها من رأسي، شطبتُ
ما فيها من قديم مهترئ، عدّلتُ المعوجّ، أتممت الناقص، نفضت الغبار عن بعضها، أعدت
بعضها إلى رفوفها البعيدة في لا وعيي، كتبت على بعضها عناوينها، مزّقت بعضها،
رتّبت ما يصلح منها لغدي، استغنيت عن بعضها، نسيت أكثرها، احتفظت بما أعجبني
منها...
استعدت وعيي، سمعت نبضي، أنّت عظامي، نزّت دموعي من
تحت جفنيّ، استجمعت قوّتي، حاولت الحركة فخان رأسي توازنه وسقط يرزح بما فيه من
ثقل، ناديت: يا نوم زرني ليزورني الطيف ويحرسني وأنسى ما يحتمل رأسي. من
أثقال.
نومي خلاسيّ... أختلس خلاله اليقظة فيختلس منّي
عمري...
وهيبة قويّة
29/29 جويلية 2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
التّعليق يظهر بعد مراجعته. شكرا