‏إظهار الرسائل ذات التسميات دفء من زوايا المكان. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دفء من زوايا المكان. إظهار كافة الرسائل

21 أغسطس 2013

أنا في زاوية من دفء المكان

 العالية: وسط المدينة العتيقة، مقهى الطّولقي

أنا في زاوية من دفء المكان


وهيبة قويّة من تونس. أصيلة العالية من ولاية بنزرت في أقصى الشّمال. ومن ربوع العالية على الهضبة "أوزاليس" حيث شاد الرّومان جزءا من حضارتهم في المتوسّط، وحيث عبق العطور الأندلسيّة. 

مشهد لوادي مجردة يعبر أراضي قلعة الأندلس

انتقلتُ إلى "قلعة الأندلس" حيث مرتع أولادي  بين حصن الأندلس ومراتع أرستقراطيّي الرّومانيين"كاسترا كورنيليا"...
هناك هضاب خصبة بالحنين... وهنا مرتع وادي مجردة يتسلّل بين الأراضي الخصبة ويسقي جذور الحنين المتجدّد إلى أصالة الأجداد وتاريخهم المجيد.
وما بين هناك وهنا... أنا: وهيبة... في قلبي زوايا مشرقة ودافئة أبدا إلى مهد طفولتي بالعالية.
وهيبة قويّة

26 أكتوبر 2012

بنزرت... أرض الجلاء والتّسامح

مشهد عامّ لمدينة بنزرت
في يوم عيد أستحضر آخر زيارة لي إلى أرض الجلاء بنزرت. كانت الزّيارة ثاني أيّام عيد الفطر. 
دخلت المدينة من أوسع شوارعها وكانت كما عهدتها تزدحم بمن فيها وبسيّارات أهلها وزوّارها. وما أكثر الّذين يمشون على الأقدام في اتّجاه "سيدي سالم" و"الكرنيش" لقضاء ليلة من ليالي الصّيف اشتدّت حرارتها. وما أكثر من جاؤوا إليها من مدنهم القريبة مثلي، لقضاء إحدى ليالي العيد مع الأطفال في عالم الألعاب والمراجيح...
تركت الفرصة لذاكرتي تقابل صورة ما عشته في بنزرت قبل سنوات وبين الصّور الّتي تتهافت أمامي وتتأرجح كما مراجيح الأطفال وتشدّ نظري إليها عنوة 
الحصن الإسباني والميناء القديم
توقّفت عند حصنها الإسبانيّ الّذي ما زال يعبق بتاريخ الأندلس، وناداني الحنين إلى مينائها القديم وقد أرست فيه القوارب الصّغيرة  ولمعت مياهه لوهج الأضواء السّاطعة في ليالي العيد والصّيف. 

الميناء القديم ببنزرت
ولكنّي ليلتها لم أجد صورة الحنين. فقد شاهدت على أرض الجلاء وجوها غريبة لا تحمل ملامح أهلها، وما سمعت صوتا ينتمي إليها. صارت غريبة عنّي أو ربّما صرت غريبة عنها.
الجسر المتحرّك على قنال بنزرت
منذ عبرت القنال وتخطّيت الجسر المتحرّك إلى أن وصلت إلى قلب المدينة النّابض بالحركة لاحظت أنّ المدينة، رغم كلّ البهجة المنتشرة في أرجائها، شاحبة الوجه، وعطورها مختفية، وأصواتها صاخبة لا أفهمها أو بكماء لا تصل إليّ لغتها. قد جعلتني أسير في أرجائها سير التّائهة والمصدومة بما حلّ بطهر أرض الجلاء.
قلت في نفسي: هو تعب الصّيام، أفقد المدينة ألقها. فرست في موانيها أشكال وأحجام لا تعي معنى العيد، أو أنّ البواخر جاءت بالقوم من بحور بعيدة قد أنهكها السّفر فلاحت مثل الأشباح، وقبعت تحاول أن تجد ظلالها على صفحة الماء...

الغروب على شاطئ المغاور بنزرت
عندما وصلت إلى " المغاور" تردّد صوتي في تجاويف الصّخور وعاد إليّ بنفس السّؤال: ماذا وقع لك في غيابي عنك؟ أين مرحي وأنا أتمشّى قرب مياه بحرك؟ أين موجك المتطاول مرحا يغازل الصّخور ويوشوش الرّمال؟ الرّمال... الرّمال.... مال... ل...
مغاور بنزرت
صار وجهي غريب الملامح أمام صخور الشّاطئ، فما عرفتْني. أتراها نسيت كم جلستُ عليها وكم من الكتب قرأتها عندها؟
سؤالي حائر ذوّبه الموج، ونفسي قد استولى عليها خوف من ظلمة تحيط بي لم تبدّدها الأنوار الواقفة على جانبي الطّريق، ولا صور قديمة عن المدينة الجميلة.

الميناء القديم ببنزرت
نسيتُ من معي فتركت الشّاطئ الصّخريّ، أبحث في تفاصيل المدينة الّتي تركتها منذ سنوات، هادئة حالمة. عدت إلى وسط المدينة، واتّجهت حيث رمال البحر الّتي بنيتُ عليها قصورا وأنا طفلة، والّتي رميت إليها الياسمين والورد وأنا يافعة وقرأت على بساطها أجمل الرّوايات والأشعار... ما تغيّر لون البحر الّذي غزته أنوار اللّيل، ولكنّي لم أسمع صوت الموج ينساب في هدوء إلى سمعي، فما عاد الموج يغنّي أغنيته الّتي حفظتُها عنه. ووجدتني أسير على رمل غريب عنّي، عجز حتّى عن رسم آثار سيري عليه.  
جسر سيدي سالم ببنزرت
أين المسير بنزرت؟ وشوارعك تضمّ خطاي ثمّ تبتعد مثل الخائفة. هل صرتِ خائفة مثلي؟ هل تراودك الكوابيس؟ أين أحلام سمائك المشرقة؟ وأين نسماتك المنطلقة الحرّة؟ أين أغنيات موجك؟
ما أشدّ غربتي فيك بنزرت. تغيّرت وسكنك الرّعب، حتّى أنّي أراه في خطى السّائرين، وفي حركات الواقفين وفي همسات الجالسين وفي نظرات كلّ النّاس وفي تأهّب الجميع للرّكض لأقلّ صوت يُسمع، حتّى قبل أن يفهم إنسان ما هو. أستغرب نعم، ولكنّي أفهم ما يقع.
 فقبل أيّام قليلة، خلال إحدى سهرات رمضان بالمدينة، وقعت حادثة وضعت المكان مثل كثير من الأمكنة، تحت وطأة الفوضى وهراواتِ مُنساقين في تيّار التعصّب الدّينيّ.
صار الخوف منتشرا في أرجاء بنزرت، فلا أمان حتّى في أشدّ الأماكن أمنا...  دنّس بعضهم أرض الجلاء بعصيّ وسيوف وسكاكين... وحلّ الإجرام وحلّت الفوضى في غياب الاحترام.
ليلتها تملّكني الغضب والغيرة على أرض نضت عنها الاستعمار لتعود إليه بشكله الجديد بعد سنين طويلة تميّزت فيها أرض الجلاء بالتّسامح الدّينيّ والحرّيّة والكرامة،
وفهمت حينها كم أصاب الجهل من عقول وأفقدها صوابها كي تتصرّف باسم الدّين وعن عمى في البصيرة فلا ترى قيمة التّسامح، ولا تسعى إليها...
 وعرفت أنّ أرض الجلاء وفيّة لمبدأ الجلاء... فقد جلت حتّى الأمن والأمان عنها...
وتعلّمت أكثر أن أنحنيَ إكبارا لأرض مشى عليها جدّي بسلاحه لجلاء الاستعمار ومشى عليها أبي فخرا بانتمائه إليها. رحمهما الله ما دريا أنّهما تركاها نهب المتعصّبين الجهلة.
شكرا لكلّ من حمل خنجرا غرسه في أرض التّسامح والجلاء... فقد أدمى قلبي وشوّه انتمائي... وآه يا بنزرت كيف هُنت على من عَرفك ومن لم يعرفك. آه يا أرض الجلاء يا من صارت طرقاتك غريبة عن خطواتي فيك وإليك من أوّل القنال إلى شواطئ الصّخور وإلى أقصى جبل النّاظور... وإلى آخر نقطة من آخر الأفق المحدّد لاتّجاهاتك. آه... مثل سيف يمزّقني يا أرض الجلاء كما مزّقتك الفتن بعد أن تآخى فوق أرضك المسلم والمسيحيّ واليهوديّ... يا أرضا عشنا فوقها أحرارا.


وهيبة قويّة


بنزرت: مشهد للحصن الإسباني و"القصيبة"

15 أكتوبر 2011

ذاكرة مكان

حومة سيدي بنعيسى_العالية

أتذكّر"الحومة" ونبضها السّاكن فيّ، بكلّ جمال أصيل يتضوّع عبق شجيرات الياسمين هنا وهناك... وبكلّ أوجاع الطّين والأوحال وأكوام  الخراب...
 تعود بنا الذّكرى إلى لحظات منها كلّما ثقبت ذاكرتَنا أطيافٌ من الماضي أو ملامحُ حاضرٍ. فينتزع منّا الرّغبة في العودة إلى كلّ ما كان، وكلّ مكان، في حنين يشتدّ بالنّفس. ولكن... الزّمن يغيّر  ملامح كلّ شيء... يتسرّب من شروخ الذّاكرة الّتي حفرها شيئا فشيئا ويدخل إليها منها... ويبعد صورا حميمة ويصنّفها كما يريد...
ولكنّي أتحدّاه، وأعيدها إلى سطح الذّاكرة لتكون أقرب منّي، فأعيشها من جديد...
~وهيبة قويّة~

باب بيتنا القديم، دار قويّة، باب راس الجبل

17 أغسطس 2011

العالية

مقهى الطولقي، في المدينة العربي

هي حمامة بيضاء في مكان ما من هذا العالم، ومن هذا المكان الواسع... أندلسيّ الرّسم يحتلّ ببياضه مساحات من الذّاكرة وتمتدّ زرقته إلى زرقة السّماء في ابتهال متواصل...

"العالية" احتواني بياض جدرانها الممتدّ، وتلوّنت أحلامي بسعة زرقة أبوابها ونوافذها،تنفتح على عوالم أخرى متعدّدة الثقافات فرنسيّها وإيطاليّها... ولكنّها أبدا تتجذّر في أصول حضارة عميقة الثقافة وتتأصّل على بقايا "أوزاليس" الرّومانيّة  والعالية الأندلسيّة

باب الجامع القديم، جامع البطحاء بالعالية

اليوم عبثت الأيادي بذاكرة المكان في صراع مع المستحدث الّذي أضاف إليها ألوانا أخرى...قلت يوما إنّها جميلة،فقط لأنّني أحبّ مهد طفولتي وخفت تشويهه بغير عبارات الجمال..هي فوضى العصر بأشكالها وألوانها تزاحم البياض، بل اتخذته محملا لرسومها وصفحة تكتب عليه بصمة أخرى ستصير يوما من ذاكرة المكان.

 مشهد للعالية من الطّريق السّريعة: بنزرت تونس

13 مايو 2011

"حومة" تنبض بالحنين


كم أحنّ إلى "حومتي"!
هذا الحنين يستولي عل مجامع قلبي...
هو الحنين إلى كلّ مسام المكان الّذي عشت فيه... ببساطته وتقاليده... بروعة ناسه ومواجهتهم لمشاكل حياتهم اليوميّة بابتسامة ما انفكّت ترتسم على وجوههم وهم عائدون خلف دوابّهم وأبقارهم عند الغروب... يمرّون من أمام أطفال "حومة سيدي بنعيسى" فتمتدّ الأيادي الصّغيرة إلى قبضة من عشب طريّ وتمتدّ يدي بخوف شديد إلى الزّهرات الّتي سقطت من أحمالهم هنا وهناك...
هذا الحنين... يحطّ برحلنا دائما عند مرافئ الذّكريات ويغذّينا بالأمل ويحدو خُطانا نحو العالم الواسع.
لذلك سنستعطف دائما لحظات جميلة من طفولتنا نقطفها نجوما تنير طريقنا وتضيء تلك الزّاوية الّتي ما زالت تنبض بالحياة داخلنا... في ركن نيّر كامن في أعماقنا يتسرّب منه الأمل ليملأ حياتنا أملا...
وهيبة قويّة

9 مايو 2011

صورة

صورة


"ما بين الحنين إلى الماضي والأمل في المستقبل تنفتح أبواب الرّجاء، فاقطفي الأمل وامضي في طريقك". هكذا قال الفنجان.
تفتح بابا عتيقا فينبعث منه نور لا ينطفئ إشراقه  يتضوّع منه عبق من الماضي، فتمتدّ جذورها إلى أصالة المكان وتنبت لها أجنحة تحلّق بها من هنا، حيث الجدار القديم إلى هناك... حيث الحنين المتدفّق بين الضّلوع إلى كلّ ما يُؤصّل كيانها. تتسرّب إليها من شقوق الباب رائحة القهوة وتحرّك في ذاكرتها صورا... أشتاتا من صور على نقوش خطوط الفنجان. تتأمّل الخطوط وترى ملء العينين شعاع الرّحمة وبريق الأمل...
ترى تلك البنيّة الصّغيرة تجري في ساحة  كبيرة وتتسلّق شبابيك مزركشة إلى سطح المسجد في حيّها العتيق. وتصعد القبابَ في سباق طفوليّ مرِح، ثمّ تفتح ذراعيها في الهواء... تتنفّس عميقا، مثل طائر يتعلّم أوّل دروس الطيران ويبحث عن سماءٍ تتّسع لجناحيه، وتشير بسبّابتها اليمنى... هناك... الجامع... تغمض عينيها على صورة المئذنة، وتصغي، فتأتيها الأصوات المرتّلة بخشوع فتخشع وتحلّق بعيدا... بعيدا... وتصمت الأصوات... تفتح عينيها...
تَــتْبَعُ السبّابة اليسرى بنظرها... هنا... قريب منها مقبرة تحتضن قبورُها أجسادا هامدةً... 
تعود فتغمض عينيها تجمع بها أشتات الصّور... وتحلّق بعيدا... بعيدا... فتدبّ الحركة في الأجساد وتتحلّق بها الأرواح الحبيبة إلى قلبها... وتحدّثها عن جمال المكان حيث الخضرة والماء والجمال... تكاد تهوي. فتفتح أجفانها وتستقبل النّور... 
مازالت واقفة على إحدى قباب المسجد... فاتحة ذراعيها للرّيح السّاكنة. 
تنزلهما... وتتوقّف عن الطيران...
ترتّب أفكارها وتختار مكان النزول... 
تسير فوق أسطح البيوت وتصل إلى المقبرة وتخرج من بابها الكبير بعد أن تجمع باقةَ من الزّهر مختلفة الألوان... 
تلتفت وراءها... 
وتبتلعها طريق العودة إلى ساحة أمام البيت وبابه الكبير... بجانبه المسجد والأطفال حيث هم، يلعبون... تضحك... بين يديها باقة من زهر الرّبيع متفتّحة أكمامه لأشعّة شمس تزيده إشراقا وملء العينين حلم سكن القلب لا يمّحي...

 وهيبة قويّة 

وأنت المرايا تلمّ زوايا العطور وغير الزّوايا ***مظفّر النوّاب*** وأنت المرايا تلمّ زوايا العطور وغير الزّوايا ***مظفّر النوّاب*** وأنت المرايا تلمّ زوايا العطور وغير الزّوايا ***مظفّر النوّاب***
زاوية دافئة من القلب *** مدوّنة خاصّة *** وهيبة قويّة *** الكتابة عصير تجربة ولحظة صدق تحرّرنا من قيود تسكن داخلنا، نحرّرها، فنتنفّس. ***وهيبة قويّة

الأكثر مشاهدة هذا الشهر

مرحبا بزائر زوايانا

free counters