‏إظهار الرسائل ذات التسميات زاوية بين صفحات أخرى. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات زاوية بين صفحات أخرى. إظهار كافة الرسائل

16 يناير 2012

جريدة الدستور || كبُرتُ أمّي

زجريدة الدستور || كبُرتُ أمّي


في حين كانت هذه المشاهد تثقب اللّحظات مع أمّي وتكمل هيأة الصّورة كما في الماضي، كان الحاضر يثبت وجوده بحضور أمّي المميّز. كنت أنا فقط الحاضرة في المكان معها ولكنّ الحديث أعاد جمع لؤلؤات العقد المتناثر بالحديث والاستحضار وكأنّ أمّي تتعمّد إعادة النّظم...سبع من البنات جمعتهنّ في سلك رفيع من بديع حديثها وجميل دعائها...

25 أغسطس 2011

فنجانا قهوة



فنجانا قهوة
 نُشِرَ النّصّ في مجلّة عود الندّ العدد 63 وهذا الرّابط الأصليّ للنصّ.

طردَت الرّوحُ الهائمةُ حولي النومَ من عينيّ، وانصرفت. فأعددت فنجانيْ قهوةٍ. أردتُ أن أجد من يؤنس وحدتي... القهوةُ هي مؤنسي الدافئ الوحيد في مثل هذه اللّحظة، لذلك سأشرب القهوة معي... أرتشف من الفنجان الأوّل، وأترك الثّـــاني يسقط فيه ثلج الوحدة ويمتزج بأرج زهر البرتقال.
الفنجان الثّاني وحده قادرٌ على إبعاد كآبة المكان وحزن القلب، وهو مؤنسي الّذي يعيد الرّوح الهائمة لتطوف حول سريري. إنّي أراها تبتعد وتعود... في كلّ الحالات القهوة معي، أحدّثها. أشربها، فتطرد كلَّ الأفكار السّوداء الّتي يراها سوادُها الجاثمُ في خطوط ارتسمت في الفنجان الأوّل، وينفي وجودها سوادُها المتلألــئ في الفنجان الثّــاني.
أنا لا أخاف الوحدة، ولكن أخاف أن لا أستشعر روحَ شخص ما... هنا... حولي. حيث الفراغ الّذي يحيط بي بعد أن أطردت نومي. مع أنّي أعلم أنّ هذه الرّوح لا تحوم حول المكان الّذي أنا فيه وإنّما هي تسكنني فكرة ونبضا، أحيانا، تفرّ إلى عالمها... حيث لا أصل، حيث عالمها الّذي لا أعرفه... وتعود إليّ في كلّ مرّة من رحلتها الّتي قد تطول وقد لا تطول.
وأنا لا أعرف كيف أستقبل هذه الرّوح عند عودتها إليّ لأنّها مهما ابتعدت تظلّ معي، فهي تسكن هنا... حيث أضع يدي الآن... هي جهة القلب إشارةً ولكنّه القلب حقيقةً في مسكنه في صدري... وهذه الرّوح تظلّ مهما ابتعدت هنا... حيث أشير الآن، لا تنفلت عن نبض القلب لأنّها ساكنة هنا، في ما أسمع... في نبض القلب.
هل كنتُ أروي حكاية ما قبل النّوم؟ لا... لَمْ أفعل! فزمن الحكايات قد ولّى... كما أنّي لا أستطيع أن أصوغ من الصّمت حكايةً تغوص متلألئة في هدوء الفنجان الثّاني... لأنّ الحكاية حينها ستكون صامتة، ولن تسمعها الرّوح الهائمة حول سريري عندما تعود...  
نعم، هي ليست حكاية... ولكنّي أقرأ وحدةَ الفنجان الثّاني أمامي وقد سقط فيه ثلج الحكاية...
مسكين... ظلّ وحده يعاني بردَ الغياب والوحدة ويرتشف أرَجَ ماء الزّهر المسكُوب فيه.
وهيبة ڤويّة
تحيّة لرئيس تحرير مجلّة "عود الندّ الّذي أتاح لي نشر هذا النصّ أوّل مرّة على صفحة المجلّة


8 يوليو 2011

نقوش على صفحة الشّاطئ


 غاصت أقدامها على الرّمل تخطّ مسارا عشوائيّا. واقتربت من الشاطئ ووقفت عند الموج. وبحماس طبعت صورة أقدامها على الرّمل في حركة صبيانيّة. ونظرت إلى الأثر. تأتيه الموجة تلو الموجة فيـمّحي ويبتلع الماءُ الرّسم ويغوص في لجّ البحر أو يذهب زبدا على صفحة الموج الثّائر.
ظلّت تفكّر في الرّمل، إنّه عميق، يبتلع كلّ الحكايات الّتي ترسمها عليه ويحتفظ بها بعيدا عن عيون المتطفّلين.
"يا لك من رمل! ليتني أُغرِقُ فيك ما فيّ من الألم وتُخفيه بعيدا."
أليس هو الرّمل الّذي يحمل خطى أقدامها وثقل جسدها على حباته الناعمة، وهي لا تملك القوّة لتحمل ثقله على رقّة ملمسه؟
أليس هو نفسه الّذي يُصنع منه الزجاج فيُكسَر، وتُبنَى به البيوت فتشتدّ وتقوى وتحمي ساكنها؟
أليس هو نفس الرمل الّذي ينساب كالماء من بين أصابعها فلا تمسكه وهو الّذي تبني به على الشواطئ قصور الأماني وقلاع الطفولة الحالمة؟
نعم، هو الرّمل، ترسم عليه أمانيها وتعانقه موجة حيرى فتمحو أثرها ورسمها ولكنّها تجدها عالقة بقلبها تطاردها في أحلام اليقظة.
هو مثل مشاعرها. تعرفها ولا تصفها، تفهمها ولا تستطيع إبلاغها، تستعذبها وتتعذّب بحملها. رقيقة، قاسية، حالمة، جافية.
هو الرمل، مرآة صقيلة ترسم عليها ملامح قلبها التي تريدها والتي تستطيعها فيضمّها الماء ويطهّرها ويغرق الأحزان المرسومة عليه فتضحك. لا شيء يبقى إلاّ ما كان له أثر عميق في نفسها، جراح وأفراح. ويبقى قلبها طاهرا نقيّا، هذا ما تعلّمته. فليأخذ الماء ما يريد وليطهّر قلبها، فكلّ أثر في نفسها عميق.
الماء! نعم هو الماء الّذي حمل رسم القلب لا الرمل. فلتجرّب الماء، إنّه أعمق من الرّمل. سيحمل كلّ الآلام إلى أعماقه. إنّه على الشّاطئ يتغلّب على الرّمل وما إن يوشوشه بموجه حتّى ينقاد له ويغرق فيه. حسمت أمرها، ورسمت قلبها على صفحة الماء فاهتزّ الماء وتبعثر وتلاطمت الأمواج. وحمل الماء كلّ ما في القلب وأغرقه. وعاد الموج من أعماق لجّته يصرخ على جسد الرمل بثورته ويحفر الذّاكرة.
وألقى الموج بعد ذلك رسما سقط على الحبات الناعمة، وحفر الصورة نفسها الّتي رسمتها على الماء. ثمّ تقدّم الموج يستلّ الصّورة من الرّمل حتّى أذابها وهي ذاهلة. تنظر إلى الماء تارة، وإلى الرمل تارة أخرى فتجد كلا الصفحتين صافيتين لا تحملان أثرا لخدش فيهما. رغم ذلك استقرّ رأيها أنّ صفحة الماء أفضل لتطهّر سماء قلبها من غيوم تعكّر صفوها.
كم يوجد حولها من الجمال تغمض عنه أحيانا عينيها ثمّ ها هي تراه جليّا ساحرا في لحظة تأمّل تصفو فيها النّفس لتدرك المدى الأسمى لكلّ الوجود. فقط عليها أن تغمض عينيها وتطهّر نفسها من أدران الحياة تكتبها حكاية على صفحة الموج الثّائر أو رمل الحكاية.


نُشِرَ النّصّ في مجلّة عود الندّ العدد 61 وهذا الرابط الأصليّ للنصّ.



25 مايو 2011

للانتظار، ألوان، وربيع، وأحلام


كانت تنتظره، هي هنا وهو هناك في الطّرف الآخر من المرايا.
انتظرته وهي تتصفّح متفرّقات على الشّبكة العنكبوتيّة وتتفقّد البريد من حين لآخر. لم تظهر أيّ رسالة منه. ولم تفكّر في لفت انتباهه برسالة إليه.
قال سيتأخّر فأحبّت الانتظار في صمت، يحدوها الأمل. فبالأمل تُزيح بعض الحزن، فيبتعد قليلا وتُطلّ صورتُه بين سطور ما تتصفّحه، وتسمع صوتَه. تمتلِئ فرحا. ولكنّ الحقيقة تعود لتحتلّ حيّزا من تفكيرها ومن الصّور المرتمية في فوضى على شاشة أحلامها، ورأت فراغَ الانتظار فعاد الحزن يطأ على صدرها بوحشيّةٍ.
رَسَمَتْهُ بألوان شتّى، فراغا من سواد قاتم، لا يدوم، ولكنّ وطأته على القلب مريعة. ورسمته فراغا من بياض يبتلع في بياضه كلّ الألوان. لا تحبّ هذا البياض المفترس للصّور. رسمت الفراغ بالأخضر في لون عشب البراري فتمدّدت أحلامها على خضرتها.
وأضافت بالأصفر لون الشّمس. مسحتها سريعا، ففي صفرتها توهّج لا تحتمله العين وتغيم فيه الصّور الّتي تُريد رسمَها. لون الغروب أجمل. على ضوئه الخافت تظهر الأشياء كلّها في هيئة من يصارع الموت بأنفاسه الرقيقة الذّاوية، ثمّ يستلّ الحياة بنوم هادئ حتّى يحين إشعاع فجر جديد.
مع انشقاق السّماء بلون الغروب وجدَتْ فرصةً لترسم الأزهار هنا وهناك وحول مياه جدول صغير يجري كما الخائف بين الأعشاب الطويلة. واختلطت الألوان، ولكنّها تناسقت لتكون أجمل صورة للانتظار، لم تَنسَ رسم شجرة. قالت: "لعلّ الانتظار إن طال استَظَلّ بها ظلّي."
ارتفع جذع الشّجرة أكثر وتغيّر شكل أغصانها وأوراقها، صارت نخلة، وسمعته يقول: "هذه هي النّخلة"، هزّتْ جذعَها وانتظرت أن يتساقط الرّطب جنيّا. لم يكن حينها موسم الرّطب، ولكن سمعت لها صوتا شجيّا، صوت طفلة يأتي من بعيد، من تشقّق وقت الانتظار بالأمل،
وتقدّم سواد اللّيل، وغشيها ببرد وظلام، وابتلع الألوان. كان لا بدّ أن تفتح نافذةً للنّور، قمرا يشرف على ساحة الانتظار ويؤنس الحزن، وانفتحت الشّرفة، ومرّ منها، والوردة والقصيدة كالعادة تحتضنهما راحتاه.
لم تسأله عن شيء. كان الصّمت أجمل ما بينهما وهما ينتظران، هو هناك، وهي هنا في الطّرف الآخر من المرايا.







نُشِرَ النّصّ في مجلّة عود الندّ العدد 60 وهذا الرابط الأصليّ للنصّ.

http://www.oudnad.net/spip/spip.php?article58&lang=ar


وأنت المرايا تلمّ زوايا العطور وغير الزّوايا ***مظفّر النوّاب*** وأنت المرايا تلمّ زوايا العطور وغير الزّوايا ***مظفّر النوّاب*** وأنت المرايا تلمّ زوايا العطور وغير الزّوايا ***مظفّر النوّاب***
زاوية دافئة من القلب *** مدوّنة خاصّة *** وهيبة قويّة *** الكتابة عصير تجربة ولحظة صدق تحرّرنا من قيود تسكن داخلنا، نحرّرها، فنتنفّس. ***وهيبة قويّة

الأكثر مشاهدة هذا الشهر

مرحبا بزائر زوايانا

free counters